
بيان رابطة علماء المغرب العربي بخصوص المساس بمادة التربية الإسلامية في المغرب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد اطلعت رابطة علماء المغرب العربي على المذكرة الصادرة عن وزارة التربية والتعليم بتاريخ 15 شتنبر 2021 حول إقصاء مادة التربية الإسلامية من فروض المراقبة المستمرة والامتحانات المحلية. كما تابعت الرابطة ردود الفعل الصادقة من مختلف فئات الشعب المغربي الرافضة للمساس بهذه المادة الحيوية والتي هي عماد التعليم في بلد كان دومًا منارة للإسلام والمسلمين في إفريقيا وأوروبا.
وقد سرّ المعاربة – كما سرّنا – تراجع الوزارة المعنية عن هذا القرار، بعد أن أعادت تقدير الأمور، ووزن المصالح والمفاسد، مما دفع عن المغاربة شر هذا القرار. وما كان يمكن أن ينتج عنه من استهتار وتفريط، وحيث إن الرابطة تعتبر مثل هذه القرارات مدمرة لركن من أهم أركان حضارتنا العظيمة، فإنها تبين للناس ما يلي:
أولًا: أهمية مادة التربية الإسلامية في مناهج المنظومة التعليمية لدى المسلم، فهو النظام الشامل للأخلاق، والمقوم للعقيدة، والضابط للسلوك، وبقدر ما تفهم الأجيال دينها تنهض الأمة وتستقيم أحوالها أولًا بتوفيق الله عز وجل وثانيا بما تغرسه مبادئ الإسلام العظمى وتوجيهاته الراقية في النفس من قوى إيجابية تحث على الخير وتدفع إلى النجاح، كما قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) الإسراء 9.
ثانيًا: نوصي بزيادة عدد ساعات التعليم الشرعي حتى يستقيم الناشئة على الخير، وبينوا نجاحهم على مبدأ الفلاح في الدنيا والآخرة، وأن يكون للطلاب ورد كافي من القرآن الكريم يحفظونه في مراحلهم التعليمية بما لا يقل عن عشرة أحزاب، فلا يليق بالمسلم المتعلم عمومًا أن يكون معه أقل من ذلك من القرآن، فما بالك ببلد اشتهر بكونه من أكثر البلاد الإسلامية عناية بكتاب الله تعالى.
ثالثًا: نوصي بإدراج مادة التربية الإسلامية في اختبار الثانوية العامة في جميع المسالك، وأن يتساوى معاملها مع باقي المواد الأساسية كي يتربى الطلاب على احترام دين الإسلام واعتباره قيمة أساسية عليا في حياتهم، لا مادة ثانوية يؤثرون عليها ما سواها.
رابعًا: نحذر المغاربة جميعًا مما يحاك لهم من خطط التغريب التي تهدف إلى فصل الدين عن الحياة العامة، واستبعاد الأخلاق الإسلامية المرتكزة على العقيدة العميقة والرقابة الذاتية، فإن نجاة الأمة في التمسك بدينها، وهلاكها في التفريط فيه، كما قال عمر رضي الله: “نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله”.
خامسًا: نوصي الأسرة بالقيام بدورها الأساسي، والبحث عن سبل داعمة لتعميق عقيدة الإسلام وأخلاقه في نفوس أطفالهم، وعدم الاكتفاء بما يقدم لهم في المدارس، فذلك على ما فيه من خير لا يكفي الطالب ليحصّن نفسه من فتن الشبهات والشهوات التي انتشرت في المجتمع، وخصوصًا أفكار الإلحاد والانحلال وغيرها مما يذهب بدينه ويفقده قيمة الحياة.
سادسًا: نوصي أساتذة تعليم المواد الشرعية في بلداننا بأن يتقوا الله ويخلصوا في أعمالهم ويناضلوا عن هذه الأمانة العظيمة التي جعلها الله في أعناقهم، فهؤلاء الأطفال وديعة بأيديهم وهم المسؤولون عنها أمام الله تعالى أولًا وأمام المجتمع ثانيًا وأمام الأسرة ثالثًا.
هذا والله نسأل أن يحفظ بلادنا من عواصف التغريب المدمرة، وأن يوفق المخلصين لما فيه خير المسلمين، وأن يحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من كيد الكائدين ومكر المجرمين (وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ، فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) إبراهيم 47. وصلى الله تعالى على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الأمين العام
لرابطة علماء المغرب العربي
الجمعة 10 صفر 1443
الموافق 17 سبتمبر 2021